recent
أخبار ساخنة

**مخاوف أممية متزايدة: العالم على شفا كارثة مناخية عشية مؤتمر COP30 في بيليم**

 **مخاوف أممية متزايدة: العالم على شفا كارثة مناخية عشية مؤتمر COP30 في بيليم**

 

**مقدمة:**

في ظل تصاعد التحذيرات الدولية وتوالي التقارير العلمية الصادمة، يقف العالم اليوم على أعتاب مرحلة حرجة في مواجهة أزمة المناخ المتفاقمة. فقبل أيام قليلة من انعقاد الدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP30) في مدينة بيليم البرازيلية، تطلق الأمم المتحدة نداءات استغاثة وتحذيرات شديدة اللهجة من مسار مناخي كارثي يهدد الكوكب بأسره. إن الفشل الجماعي في تحقيق أهداف اتفاق باريس يُلقي بظلاله الثقيلة على القمة المرتقبة، مما يضع رؤساء الدول والحكومات أمام مسؤولية تاريخية لمواجهة تحديات لم تعد تحتمل التأجيل

في ظل تصاعد التحذيرات الدولية وتوالي التقارير العلمية الصادمة، يقف العالم اليوم على أعتاب مرحلة حرجة في مواجهة أزمة المناخ المتفاقمة. فقبل أيام قليلة من انعقاد الدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP30) في مدينة بيليم البرازيلية، تطلق الأمم المتحدة نداءات استغاثة وتحذيرات شديدة اللهجة من مسار مناخي كارثي يهدد الكوكب بأسره. إن الفشل الجماعي في تحقيق أهداف اتفاق باريس يُلقي بظلاله الثقيلة على القمة المرتقبة، مما يضع رؤساء الدول والحكومات أمام مسؤولية تاريخية لمواجهة تحديات لم تعد تحتمل التأجيل.
 **مخاوف أممية متزايدة: العالم على شفا كارثة مناخية عشية مؤتمر COP30 في بيليم**

 **مخاوف أممية متزايدة: العالم على شفا كارثة مناخية عشية مؤتمر COP30 في بيليم**

**احترار عالمي يتجاوز الخطوط الحمراء 2.5 درجة مئوية في الأفق**

تُشير أحدث التقديرات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الأرض تتجه نحو ارتفاع في درجة حرارتها بمقدار يتراوح بين 2.3 و2.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية القرن الحالي. هذا الرقم يُعتبر تجاوزًا كبيرًا لأهداف اتفاق باريس المناخي، الذي يسعى للحفاظ على الاحترار العالمي "أقل بكثير" من درجتين مئويتين، مع السعي الحثيث لإبقائه عند عتبة 1.5 درجة مئوية. هذا التجاوز ليس مجرد أرقام على ورق، بل يمثل تهديدًا وجوديًا يُنذر بعواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها، من ظواهر جوية متطرفة إلى ارتفاع منسوب البحار وتهديد الأمن الغذائي والمائي.

 

**COP30 في بيليم مواجهة الفشل وتجديد الالتزامات**

تكتسب قمة COP30 أهمية استثنائية نظرًا لتوقيتها الحرج وموقعها في قلب منطقة الأمازون، وهي رئة العالم التي تواجه تحديات بيئية ضخمة. ستُشكل القمة مناسبة حاسمة لرؤساء الدول والحكومات، الذين دعاهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لمواجهة سجلهم الجماعي المخيب للآمال في تحقيق أهداف اتفاق باريس. الاتفاق، الذي اعتُمد بإجماع عالمي قبل عقد من الزمان، بات هدفه المتمثل في حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية على "شفير الانهيار" كما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

 

**نداء غوتيريش نحو صفر انبعاثات بحلول 2050**

في رسالة مصورة مؤثرة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "مهمتنا بسيطة لكنها ليست سهلة: علينا أن نضمن أن يكون أي تجاوز [لـ 1.5 درجة مئوية] بأقل شدة ممكنة ولأقصر فترة ممكنة". ودعا غوتيريش بشدة إلى بلوغ "مستوى صفر انبعاثات صافية لغازات الدفيئة" بحلول عام 2050، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على أمل في "خفض ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن". هذا الهدف الطموح يتطلب تحولًا جذريًا في سياسات الطاقة، الصناعة، الزراعة، والنقل على مستوى العالم.

 

**طموحات "غير كافية" العالم يواصل حرق الوقود الأحفوري**

على الرغم من التحذيرات المتكررة والالتزامات المعلنة، يواصل العالم حرق كميات متزايدة من النفط والغاز والفحم، مما أدى إلى زيادة حادة قدرها 2.3% في انبعاثات غازات الدفيئة عام 2024. يُظهر هذا الواقع المرير أن الطموحات والجهود المبذولة حاليًا "لا تزال بعيدة كل البعد عن المستويات المطلوبة عالميًا وجماعياً"، حسبما أشارت آن أولهوف، كبيرة الباحثين في تقرير الأمم المتحدة.

 

**من هم أكبر المتسببين؟**

يُعد تحديد المسؤولين عن هذه الزيادة في الانبعاثات خطوة أساسية نحو معالجة المشكلة. تُظهر الأرقام أن الهند، صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، تأتي في صدارة الدول المساهمة في هذه الزيادة من حيث القيمة المطلقة. تليها الصين وروسيا وإندونيسيا. في المقابل، استمرت انبعاثات الاتحاد الأوروبي في الانخفاض، وهو مؤشر إيجابي على فعالية بعض السياسات المناخية. ومع ذلك، سجلت انبعاثات الولايات المتحدة ازديادًا طفيفًا بنسبة 0.1%، مما يُبرز التحديات المستمرة حتى في الدول المتقدمة.

 

**فجوة كبيرة بين التعهدات والواقع**

تستند تقديرات الأمم المتحدة الجديدة إلى خرائط الطريق لمستويات الانبعاثات لعام 2035، والتي طُلب من الدول نشرها قبل COP30 كجزء من متطلبات اتفاق باريس. ومع ذلك، فإن أقل من ثلث الدول التزمت بذلك في الوقت المحدد، مما يعكس فجوة كبيرة بين التعهدات والالتزامات الفعلية. بحسب الأمم المتحدة، فإن التعهدات الجديدة من الدول "لم تحدث فرقًا يُذكر" حتى الآن. وفي حال الاعتماد حصراً على السياسات الحالية، دون مراعاة التزامات تحسين الوضع، يُتوقع أن يصل الاحترار العالمي إلى 2.8 درجة مئوية، وهو مستوى كارثي سيؤثر بشكل لا رجعة فيه على الأنظمة البيئية والمجتمعات البشرية.

 

**سيناريو "التجاوز المؤقت هل هو مخرج آمن؟**

نظرًا للواقع الصعب وبعد الهدف المحدد في اتفاق باريس، تناقش الأمم المتحدة حاليًا سيناريو يكون فيه تجاوز معدل 1.5 درجة مئوية "مؤقتًا وضئيلًا". يتطلب هذا السيناريو ليس فقط الحد الجذري من الانبعاثات، ولكن أيضًا امتصاص كميات صناعية من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يمكن تحقيق ذلك إما على نحو طبيعي (عبر زراعة الغابات واستعادة النظم البيئية) أو باستخدام تقنيات احتجاز الكربون، وهي تقنيات ما زالت في مراحلها الأولى وهامشية حاليًا.

 

**مخاطر الاعتماد على التقنيات الناشئة**

الاعتماد على تقنيات احتجاز الكربون يثير مخاوف كبيرة لدى العلماء والخبراء. ففي حين أنها قد تُقدم حلولًا مستقبلية، إلا أنها لا تزال غير مثبتة على نطاق واسع، وقد لا تكون كافية للتعامل مع حجم الانبعاثات الحالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن كل جزء من الدرجة من الاحترار يزيد من شدة الأعاصير وموجات الحر، ويقلل من فرص بقاء الشعاب المرجانية، ويهدد التنوع البيولوجي. لا يمكننا تحمل ترف الانتظار أو الاعتماد الكلي على حلول مستقبلية غير مؤكدة.

 

**نداء للعمل الفوري والحاسم**

كما أكدت رئيسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، "ما زلنا بحاجة إلى خفوض غير مسبوقة في انبعاثات غازات الدفيئة مع إطار زمني يتضاءل باستمرار، وفي سياق جيوسياسي صعب". هذا النداء يُلخص التحدي الأكبر الذي يواجهه العالم: الحاجة الملحة إلى عمل جماعي حاسم وفوري على الرغم من التوترات الجيوسياسية والعقبات الاقتصادية.

 

**توصيات رئيسية لمؤتمر COP30**

لتحقيق تقدم ملموس في COP30، يجب على القادة التركيز على عدة محاور رئيسية:

 

1.  **تعزيز أهداف التخفيف:** يجب على الدول تقديم تعهدات وطنية أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات (NDCs) بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية.

2.  **التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري:** وضع خطط واضحة ومُجَدولة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.

3.  **دعم التكيف والخسائر والأضرار:** زيادة التمويل للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع آثار تغير المناخ والتعامل مع الخسائر والأضرار التي لا يمكن تجنبها.

4.  **العدالة المناخية:** ضمان أن يكون التحول العادل شاملًا، ويأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمعات الأكثر ضعفًا وتأثرًا.

5.  **التمويل المناخي:** الوفاء بالالتزامات المالية للبلدان المتقدمة وتقديم دعم أكبر للعمل المناخي.

6.  **حماية النظم البيئية:** التركيز على حماية الغابات، وخاصة الأمازون، والمحيطات، والنظم البيئية الأخرى التي تلعب دورًا حيويًا في امتصاص الكربون.

 

**خاتمة**

إن مؤتمر COP30 في بيليم لا يمثل مجرد تجمع دبلوماسي، بل هو فرصة أخيرة لقلب مسار الكارثة المناخية. فمصير الكوكب معلق على القرارات التي ستُتخذ هناك، وعلى مدى جدية القادة في تحويل الأقوال إلى أفعال. إن لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية، فإن الأجيال القادمة ستدفع ثمن تقاعسنا اليوم. حان الوقت لكي يتحد العالم ويعمل كجبهة واحدة لإنقاذ مستقبلنا المشترك.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent